الملخص التنفيذي| عين على الأقصى 2018


تاريخ الإضافة الثلاثاء 18 أيلول 2018 - 3:39 م    عدد الزيارات 17313    التحميلات 1074    القسم عين على الأقصى

        


مقدمة:

"جبل المعبد بأيدينا"، بهذه الكلمات المعدودة اختزل رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، فهمه لقرار الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترمب، الاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال، ونقل السفارة الأمريكيّة إليها، وهي كلمات تبجّح بها نتنياهو في كلمته التي ألقاها خلال حفل افتتاح السفارة الإسرائيلية في القدس بتاريخ 14/5/2018. وعلى نهج نتنياهو سارت منظمات "المعبد" المتطرفة في فهم القرار الأمريكيّ فلم تكد تمرّ ثلاثة أيام على القرار حتى كانت مظاهرات المتطرفين اليهود تجتاح محيط المسجد الأقصى مطالبةً بفتح جميع أبواب المسجد أمامهم، وزيادة ساعات اقتحامه على طريق تثبيت السيادة الإسرائيليّة التي أراد قرار ترمب أن تتحوّل إلى أمر واقع على كلّ القدس وقلبها الأقصى. كان هذا المشهد جزءًا من مسرحية "صفقة القرن" تخلّلها حوار بين جوقة متطرفين، لكنّه حوار بلغة القرارات الجائرة، والإملاءات، ومشاريع التهويد. لم تكن عجلة تهويد الأقصى ومحيطه متوقفة فدفعها ترمب بقراره، بل كانت تسير بوتيرة سريعة، ولكنّ القرار أعطاها دفعة إضافيّة من التسريع والتشريع.


وفي هذه المسرحية تراوحَ سلوكُ جمهور الحكومات العربية والإسلامية بين التصفيق تشجيعًا، والاستنكار الفارغ من جدواه، والاستنكار الكلاميّ المبتور من التأثير الحقيقي، فيما ارتفع صوتُ الشعوب بالرفض الذي ينمّ عن رصيد كبير للقدس والأقصى في وجدانها، وهو رفضٌ شوّشتْ به مئات المسيرات والفعاليات التي نظمتها الشعوب على مسار المسرحيّة، ونجحَ فيه الفلسطينيون في اقتحام المسرح، والاشتباك المباشر مع الممثلين عبر مسيرات العودة التي أعادت للجهد الشعبيّ ألقَه، وأكدت ضرورة أنْ تشهد المناطق الفلسطينية المختلفة نماذج تشبهها من حيث التأثير.


ميدانيًّا، وجّه الاحتلال رسالة بأنّه نجح في التخفيف من عمليات انتفاضة القدس المستمرة منذ تشرين أول/أكتوبر 2015، وأنّه امتصّ هزيمته في هبة باب الأسباط في تموز/يوليو 2017، فلم يعد الوضع الأمنيّ يقلقه؛ فشرّع المسجد على اقتحامات متزايدة، وسمح للمتطرفين بأداء شعائر تلمودية داخل الأقصى، وأصدر نتنياهو قرارًا يسمح فيه لأعضاء الكنيست والحكومة باستئناف اقتحام الأقصى، ولكنّ ما بين سطور هذا القرار لا يخفى على متابعٍ، فلا يزال الخوف يتملّك صانع القرار الإسرائيلي، ونظرة إلى الشروط التي فرضها نتنياهو على اقتحامات المسؤولين السياسيين للأقصى تؤكد ذلك. وعلى صعيد محاولات الاحتلال تثبيت نفسه كمرجعية وحيدة للأقصى، ظهرت بصمات تدخله في جلِّ شؤون المسجد، بدءًا من الاعتداءات المختلفة على موظفي المسجد، ومرورًا بمنع أيّ ترميم للمسجد إلا بإذنه، ووصولًا إلى سعيه إلى جرِّ دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس - الجهة المعنية حصرًا بإدارة المسجد - إلى مربع محاكمه للاحتكام في قضايا تخصّ المسجد، كما حصل في قضية قرار الاحتلال إغلاق مبنى باب الرحمة داخل الأقصى نهائيًّا بذريعة مكافحة الإرهاب.


تقدّم الاحتلال خطوات عملية في مخطط تقسيم الأقصى مكانيًّا عبر استهداف المنطقة الشرقية في المسجد، ومنطقة مقبرة باب الرحمة، وأظهرت معطيات هذا التقرير أنّ الاحتلال عازم على إغراق الأقصى في غابة من المشاريع التهويدية تضيع فيها رمزيّته، ويختلّ معها المشهد العربيّ والإسلامي لمنطقة الأقصى ليميل إلى مصلحة "منظر إسرائيل" الذي تحدّث عنه وزير "الإسكان" الإسرائيلي يوآف غالانت كبرنامج من شأنه - إلى جانب غيره من المشاريع التهويدية - أن يعطي "إسرائيل" صورتها كـ"دولة يهودية" بعدما عجزت هذه الصورة عن منافسة نصاعة الوجود العربي الإسلامي والمسيحي الأصيل في القدس، وفي محيط الأقصى. 


يصدر هذا التقرير بعد هبة باب الأسباط، وقرار ترمب، وعلى وقع عودة الاقتحامات السياسية، ومسيرات العودة، و"التبشير" الأمريكي- الإسرائيلي بصفقة القرن، ومحاولات فرض التقسيم المكاني، وغير ذلك من أحداث جسيمة كان الأقصى في صميمها مؤثرًا ومتأثرًا، وهو لا يكتفي برصد هذه الأحداث بل يضعها في سياقها، ويقرأها من عدة زوايا، ويصل إلى خلاصة تفيد بأنّ الأقصى في عين التهويد والتقسيم أكثر من أيّ وقت مضى، وأنّ الاحتلال ماضٍ بسرعة نحو فرض رؤيته على المسجد، وتكريس إدارته له، وتهميش الإدارة الأردنية الإسلامية له. في هذا التقرير حشد من الأرقام والإحصائيات، ولكنّ فلسفته تتخطى تفريغ قضية القدس والأقصى من أبعادها العميقة وتحويلها إلى جملة أرقام، فقد عمدنا إلى قراءة ما بعد الأرقام، ومقارنتها مع سابقتها في السنوات الماضية، وهذه الفلسفة دفعتنا إلى تعقب بعض المعطيات في أحداث محددة، وفي أيام وأسابيع وأشهر ومناسبات وأعياد يهودية معينة.


في كل عام نطلق هذا التقرير، يتملكنا الأمل بأن يكون صرخة تنبيه لمن يعنيهم أمر الأقصى، ولن يغادرنا هذا الأمل، فالأقصى قضية حق، ورصيدها في القلوب كبير، وحاجته إلى النصرة شديدة وملحّة وتفرض علينا التبصّر بالأحداث.


                                                                     محرّر التقرير
                                                                     هشام يعقوب

 

رابط النشر

إمسح رمز الاستجابة السريعة (QR Code) باستخدام أي تطبيق لفتح هذه الصفحة على هاتفك الذكي.



ساري عرابي

فلسطين بين حريقين.. كيف يبني الفلسطينيون ذاكرتهم؟

الأربعاء 1 آذار 2023 - 10:33 ص

قبل ثماني سنوات، حرق مستوطنون منزلاً في قرية دوما، شمال شرق نابلس، أودت الحادثة بالعائلة؛ طفل رضيع ووالديه، ليبقى من بعدهم الطفل أحمد دوابشة. من غير الوارد أن يكون لدى الناس اتفاق عامّ على إدراك حقيقة… تتمة »

عدنان أبو عامر

اختلاف الأولويات بين واشنطن و"تل أبيب" حول التطبيع

الخميس 23 شباط 2023 - 10:52 م

في الوقت الذي تواجه فيه دولة الاحتلال ضغوطًا لا تخطئها العين من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للعودة إلى العملية السياسية مع الفلسطينيين، ولو من الناحية الشكلية غير المجدية، فإن الواقع الإقليمي، من و… تتمة »